"إيزادورا" شهيدة الحب
بقلم/ فاتن طلعت
كاتبة و محررة بجريدة أثريون الإخبارية .
عاشت ايزادورا في القرن الثاني قبل الميلاد في عصر الإمبراطور «هادريان» ، وهي ابنة أسرة إغريقية كانت تعيش فى مصر فى مدينة أنتنيوبولس "الشيخ عبادة حالياً" وكان أبوها حاكما للإقليم المعروف حاليًا بمحافظة المنيا، وكان قصره الكبير موجودًا فى مدينة أنتنيوبولس حيث يطل على النيل .
و في احد الايام أثناء احتفالات المعبود «جحوتي» رمز الحكمة والعلم في مصر القديمه ، جذب انتباه ايزادورا ذات الثامنه عشر ربيعًا الجندي الحارس لتتقابل اعينهما لأول مره،حينها قرع الحب طبول قلبيهما .
-وكان يعيش على الجانب الغربي من النيل في مدينة «خمنو» أو «الأشمونين حالياً»-
ومن هنا نشأت قصة حب عنيفة بين ابنة الحاكم و الجندي حابى.
ولقد كان من قوات الحراسة الموجودة فى المدينة، يعتبر شخصًا عاديًا من أبناء عامة الشعب المصرى ولم يكن من عليه القوم، فلا يوجد أى وجه للمقارنة بينهما من حيث المستوى، رغم ذلك قال الحب كلمته جعلها تبوح له بحبها، ليُعلن هو الآخر وقوعه في غرامها ويومياً وعلى مدار 3 سنوات كانا يتقابلان بجوار النهر أو القصر ليلًا .
لكن ما حدث بعد ذلك لم يكن في الحسبان، حيث علم والدها بقصة حبها "لحابي" فغضب منها ومنعها من مغادرة القصر بأي حال من الأحوال، وأمر حراسه بتتبعها ومنعها من مقابلة «حابي»، حينها شعرت أن حياتها دون حبيبها لا طعم لها، وبالفعل تمكنت من مغافلة حراسها وذهبت إلى ذات المكان عند البحيرة ولم تخبره بما همت أن تفعله وهو الانتحار، ودعته وذهبت، حتى إذا بلغت منتصف النهر ألقت بنفسها فى أحضان النيل.
أحدث الأمر صدمة كبيرة لوالدها وأحس بالندم الشديد وبنى لها مقبرة تُخلد ذكراها ولأنها كانت محبوبة أبيها أمر بوضع موميائها على سرير جنائزي.
وكانت المنطقة هي الجبانة الخاصة بالإقليم الـ15 من أقاليم الصعيد.
أما الجندي المصري «حابي» فكان مثالاً للوفاء وقرر عدم الزواج، وكان يداوم على زيارة مقبرتها ويشعل الشمع كي لا تشعر روحها بالوحدة ودون على مقبرتها كلماته: "أيتها الصغيرة الجميلة، أيتها الطيبة البريئة، والزهرة الناضرة، التي ذبلت في ربيع العمر، يا ملاكي الطاهر الذى رحل دون وداع"، فكانت هذه آخر كلماته.
قصة الجميلة التي سكنت مقبرتها روحِها والملقبة بشهيدة الحب أو العاشقة ايزادورا و التي يعني اسمها هبة ايزيس فهي تؤكد على مقولة أن الحب الصادق لا يموت حتى لو انتهى هذا الحب بمأساوية ككل القصص التي سمعناها لكن جميلتنا ايزادورا كانت قصتها تسبق كل قصص الحب علي مر العصور .
ومومياء شهيدة الحب "الأيزدورا" المحنطة، هى أيقونة الآثار بتونا الجبل بملوي فجميع من يزور المنطقة يلفت نظره وإعجابه بهذه المومياء التي مازالت موجودة داخل المقبرة المكونة من حجرتين مرتفعتين عن مستوى الأرض .
ويصعد إليها الزائر بسلم بسيط يوصل إلى شرفة أقيم عليها مذبح، والحجرات خاليتين من النقوش إلا من القصيدة الشعرية اليونانية، وبالحجرة الداخلية يوجد سرير جنائزي مبني بالطوب اللبن يعلوه نموذج على شكل قوقعة محمول على عمودين مطليين بطلاء ليشبه الرخام.
وهذا السرير هو موضع المومياء قديمًا قبل وضعها في صندوق زجاجي للحفاظ عليها وليتمكن الزوار من رؤيتها.
بداية اللقــاء:
خرجت ايزادورا من مدينتها عبر النهر لتحضر احد الاحتفالات الخاصة بـ الاله «تحوتي» رمز الحكمة والمعرفة في مصر القديمة وهناك قابلت الضابط حابي فتعلقت به وافتتن بها.. حتى انهما كانا يتقابلان كل يوم وكل ليلة.
فكانت تذهب اليه عند البحيرة حيث يتبادلا الحب والعشق بسعادة فائقة بلغت اقصي درجات الحب وكان يأتي اليها بجوار قصر أبيها لينتظر ان يراها عندما يصعب رؤيتها.
وبعد ثلاث سنوات من العشق البالغ والحب الصادق عــلم أبوهــا بذلك وقرر ان يمنع هذا الحب من ان يستمر وأبلغ الحراس بتتبعها.. وان يمنعوا ذلك الشاب من مقابلتها. وبالفعل كان تضييق الخناق عليها حتى قررت هي ان الحياة دون حبيبها لا معنى لها فقررت الانتحار.
لكن كان يجب ان تراه للمرة الأخيرة.. وبالفعل تمكنت من مغافلة حراستها وذهبت الى نفس المكان عند البحيرة ولم تخبره بما همت ان تفعله وهو الانتحار.. ودعته وذهبت الي النهر حتى اذا بلغت منتصف النهر ألقت بنفسها في أحضان النيل.
بعد موتها ندم والدها أشد الندم على إبنته الجميلة التى فضلت الموت على الحياة بعيدا عن حبيبها، فبنى لها مقبرة جميلة ورثاها بأشعار حزينة.
وكان حبيب إيزادورا مخلصا ووفيا فكان يذهب كل ليلة يشعل شمعة بداخل مقبرتها حتى لا تبقى روحها وحيدة.
ولقد كتبت لها ان تكون من أوائل شهداء الحب في التاريخ دائما تبداء من مصر الريادة حتي في قصص الحب الجميلة منها والمحزنة....
—