جريدة أثريون Atharyon

أحمد القاضي شاب مصري مهتم بالتاريخ والاثار مدرب علي شرح التاريخ و المواقع الأثرية حاصل علي عديد من كورسات الارشاد السياحي ودورات اخري

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

صلاح الدين الايوبي

( صلاح الدين الايوبي ) 
صلاح الدين - ابن أخ شيركوه ـ ولقب بالملك الناصر؛ وإن غلب عليه لقب السلطان أيضا، دون أن يتلقب به في ٢٥ من جمادى الآخرة سنة 564هـ / ٢٦ مارس 1169م. وقد أثير حول تولية صلاح الدين الوزارة أقوال كثيرة؛ منها أنه تولاها بوصية سابقة من شيركوه، كما ورد في سجل توليته، الذي كتب فيه الخليفة العاضد بخط يده، مع أن الخلفاء الفاطميين لايكتبون إلا نادرا، ورد فيه: «هذا عهـد لاعهـد لوزير بمثله . فقد اختاره العاضـد لأنه جمع بين حكمة المشيب وومضاء الشباب ، وحوله السلطات التي كان حولها لعمه شيركوه. فخرج سجله في قماش أبيض ، وألبسه العاضد بنفسه أمام جمع عظيم من موظفي الدولة في يوم مشهود خلعة الوزارة، وجميعهـا لونها بيضاء، شعار الخلافة الفاطمية الشيعية وتتكون من عمامة بطرز ذهب، وثوب بطرز ذهب، وجبة بطرز ذهب، وطيلسان أو طرحة بطرز ذهب، وعقد جوهر، وسيف محلى بجوهر ، وفرس لم يكن بالديار المصرية أسبق منه، وتخت ضخم يوضع حول رقبة الفرس، وسرفسار وهو من أطقم مشدة إيشارب ـ فيها جوهر وهو لزينة الفرس؛ وأربع قوائم ، وأربعة عقود من جوهر كلها زينة للفرس. وبتولية صلاح الدين الوزارة الفاطمية ، ولم يكن عمره يزيد على اثنتين وثلاثين سنة؛ فتحت صفحة جديدة في تاريخ مستقبله الباهر؛ إذ إنه في مصر ظهر لأول مرة ما كمن في شخصيته من صفات السياسة والحنكة، كمـا أصبح أبرز فرد في أسرته، وأبرز من أبيه أيوب؛ ولم يكن أقوى منه بين أمراء نور الدين .

 حينئذ قرر عموري من جديد، الاستعانة بالبيزنطيين بقصد احتلال الدلتا؛ وذلك بإرسال حملة بحرية كبيرة إلى ثغر دمياط الهام على فرع النيل المسمى باسـمـه، بلغـت مايزيد على ألف ومائتي مركب، وذلك في سنة 565هـ / 1169م ، على الرغم من غـضب مـانـويل Manuel البيزنطى على عموری(Amauri»؛ بسبب قيامه بالحملة السابقة وحـده ؛ ومع ذلك وافق على إرسال أسطول اليونان القوى إلى عسقلان، بقيادة أندرينكوس كونتستـفانوس "Andronicus Contostephanus" . وقد أورد لنا المؤرخ الصليبي وليام الصوري (١١٤٣ ـ ۱۱۲۸م)، صورة لهذه الاتفاقية، التي وقعها نيابة عن عـموری في هذه المرة أيضا  فلما وصلت الحملة إلى دمياط، بذل صلاح الدين، ومعه المصريون من جند الفاطميين، مجهودا هائلاً؛ لتستمر مقاومة حاميتها ؛ كمـا أن نور الدين هاجم حصون الفرنجة ، وترتب على ذلك إخفاق الحملة في اقتحام ثغر دمياط . وبعد خمس وخمسين يوما عادت تجر أذيال الفشل؛ كما أن بلاد الفرنجة في الشام أصبحت خرابا يبابا من هجوم نور الدين. وقد شبهت هذه الحملة بالنعامة، التي ذهبت تطلب قرنين فرجعت بلا أذنين وبعد هذا الانتصار ورغبة في توحيد جبهة المسلمين في المنطقة العربية، قرر صلاح الدين، بتحريض من نور والملخليفة العباسي، القضاء نهائيا على خلافة الفاطميين، أو لعله أراد أن يقوم بدور في سياسة المسلمين؛ إذ لايذكر المؤرخون له أطماع مبكرة، ونحن لانستبعد تولد الطموح عنده إلى السؤدد والرياسة؛ وذلك  بعد أن وضعته الأقـدار في هذه الظروف. ويمكننا أن نجزم بأن صلاح الدين اصبح من أهدافه الكبيرة دفع خطر الصليبيين وإليه وإلى عمه يرجع الفضل في أن مصر بقيت للمسلمين . 

كذلك شرد الدعاة للمذهب الشيعي، وألغى مجالسهم؛ حيث كانت الخلافة الفاطمية أقامت نظاما دقيقا لتحويل المصريين، وبخاصة موظفي الدولة، على مذهبها، وسموه الدعـوة أو الدعوة الهادية، وإن سماه وليم الصـورى المذهب المصري كما ذكرنا . وفي نفس الوقت جعل هدفه عودة المصريين إلى المذهب السني، فأخذ في بناء المدارس لتدريسه في جميع أنحاء مصر؛ حيث يقول القلقشندي : إن صلاح الدين، أول من أحدث المدارس بالفسطاط . وقد ذكر على مبـارك في كتابه : خطط القاهرة عدد ست وتسعين مدرسة أنشئت في العصر الأيوبي، مع أنه قبلهم كانت المدارس تنشأ في خـارج القاهرة، ولكنها في أيام صلاح الدين أصبحت تبنى فيها؛ وفي خلال أربعين سنة وجدت في القاهرة . 

 وفي خلال أربعين سنة وجدت في القاهرة وحدها عشرون مدرسة  فبنى صلاح الدين لنفسه مدرستين عند الجـامع العتيق، في ٥٧٢هـ/ 1176م؛ واحدة للمذهب الشافعي، والأخرى للمالكي، ثم بنيت بعد ست سنوات مدرسة ثالثة للمذهب الحنفي. فقد كان صلاح الدين نقى العقيدة السنية ، ويكره المتكلمين، بدليل أنه قتل المتكلم المشهور السهروردی ، كما كان يحب الاستماع إلى الحديث، ويميل هو وخلفه  للمتصوفة؛ وهو أول من بني الخوانق والتكايا، وكان يستمتع بأحاديثهم؛ حتى أن الشيزري ألف له كتابا بعنوان : المنهج المسلوك في سياسة الملوك. ومع ذلك؛ فإن المدارس في عهده لم تكن للدين فقط، فيذكر الرحالة ابن جبير أنه كانت توجـد بالإسكندرية مدارس لتعليم الطب، يفد إليها الطلاب من كل مكان، فيجـدون المأوى والحمام والمطعم والمستشفى. وفي الوقت نفسه الغي صلاح الدين الخطبة في يوم الجمعة في الجامع الأزهر، وهو من إنشاء الفاطميين لتعليم مذهبهم الشيعي، فتعطلت فيه لمدة القرن، وحرمه من موارده المالية، وأخرجه من دائرة الضوء، مع أنه كان أول وأهم ، ولم تعد فيه خطبة الجمعة إلا في أيام دولة سلاطين المماليك . كذلك بدد الكتب الفاطمية وأبادها، ورماها على جبل المقطم؛ بحيث أصبحت كيمائا، وأحرق المكتبة الفاطمية وكانت أربعين حجرة مساجدهم . 

والثابت أن صلاح الدين قضى على نفوذ الأتابكيـة السلجوقية، ومن قبل قضى على الخلافة الفاطمية، وهو الذي لم يكن يدور بخلده مطلقا ـ لما جاء إلى مصر ـ أن يرث أملاك الدولتين، ويكون بزعامته دولة موحدة من البلاد الثلاثة : مصر، والشام، وبلاد الجزيرة؛ فضلاً عن أنه سعى إلى أن يرتبط بعلاقات طيبة بسلاجقة آسيا  الصغرى  التي تقع في طريق الفـرنجـة البـرية إلى الشـرق الإسلامي .

______________ 

 اسم الكتاب :- الدولة الأيوبية في تاريخ مصر الإسلامية التاريخ السياسي . 
 المؤلف :-  د/ عبد المنعم ماجد .  
 #شيماء شكري . 
#رواق .

عن الكاتب

Ahmed Elkady

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

جريدة أثريون Atharyon