"البيمارستان الطولونى 259ه"
بقلم:- نهال إبراهيم
كاتبة وباحثة فى الآثار الإسلامية وعضو بجريدة الاثريون الإخبارية.
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم أما بعد.........
يذكر المقريزى فى خططه أن أحمد بن طولون أمر ببناء البيمارستان للمرضى فبنى لهم مستشفى عام 259ه وعندما فرغ منه عين عليه دار الديوان ودوره فى الأساقفة والقيسارية وسوق الرقيق وشرط فى البيمارستان أن لا يعالج فيه جندى ولا مملوك وقسم البيمارستان إلى قسمين إحداهما للرجال والآخر للنساء كما أوقف ممتلكاته للنفقة على البيمارستان.
وكان هناك شرط فى البيمارستان وهو إذا جئ بالعليل (المريض) أن تنزع ثيابه ونفقته وتحفظ عند أمين البيمارستان ثم يلبس ثياباً ويفرض له ويغذى عليه ويراح بالأدوية والأغذية والأطباء حتى يشفى فإذا أكل فروجاً ورغيفاً أمر بالإنصراف وأعطى ماله وثيابه.
وكان أحمد بن طولون يذهب بنفسه كل يوم إلى البيمارستان ويتفقد خزائنها وما فيها من الأطباء وينظر إلى المرضى وسائر الإعلام المحبوسين من المجانين فدخل مرة حتى وقف بالمجانين فناداه واحد منهم قائلاً : أيها الأمير إسمع كلامى ما أنا بمجنون وإنما عملت عليا حيلة وفى نفسى شهوة رمانة عريشية أكبر ما يكون فأمر له بها من وقتها ففرح بها وهزما فى يده ورازها ثم غافل أحمد بن طولون ورمى بها فى صدره فنضحت على ثيابه ولو تمكنت منه لأتت على صدره.
ومعنى ذلك أن هناك قسماً خاصاً للمجانين داخل البيمارستان الطولونى وعلاوة على أقسام مختلفة من الباطنة وأمراض الرمد والعيون وغيرها مما يعنى أن هناك تخصص داخل ذلك البيمارستان الذى لم يمنع أحد من العلاج فيه سواء كان غنياً أو فقيراً فى ذلك الوقت.
كما زود أحمد بن طولون هذا البيمارستان بمكتبة كبيرة (خزانة للكتب) وذلك حتى يقرأ المرضى والأطباء فيها وأوقف على كل من البيمارستان والخزانة مبالغ مالية كبيرة حتى يضمن رواتب العاملين فى هذا البيمارستان ويذكر لنا المقريزى موقع هذا البيمارستان الذى كان يقع فى حارة القشاشين ولم يكن بمصر بيمارستان غيره فى ذلك الوقت.