" آثار الدولة الطولونية "
بقلم :_ شيماء شكري
كاتبه وباحثه في الاثار الاسلاميه بفريق رواق لنشر الوعي الاثري .
( القطائع )
بعد وصول أحمد بن طولون إلي مصر نزل في دار الإمارة بمدينة العسكر العباسية ، ومكث فيها علي مدي عامين حتي ضاقت به وبأتباعه بعد أن استكثر من العبيد والرجال ، لذلك شرع في غضون سنة (٢٥٦ه / ٨٧٠م ) في تأسيس مدينة جديدة لتكون مقراً لحكومته ورجال دولته ، أراد بها أن يشبع طموحه نحو الطرف والأبهه الذي عايشه شطرا من شبابه الباكر في مدينة سامراء حاضرة الخليفة المعتصم التي بقيت صورتها ماثلة في ذهنه ، وأراد أن تكون عاصمته الجديده أشبه شيئ بالبيئة التي نشأ وترعرع فيها ، فركب إلي جبل المقطم ونظر إلي ماحوله ، فرأي في الشمال الشرقي من العسكر بقعه من الأرض مساحتها ميل مربع ، لاشيئ فيها من العمارة سوي بضعة قبور لليهود والنصاري فأمر بحرثها ، ووضع مدينته الجديده ...
( البيمارستان العتيق )
ومن الآثار الطولونية البيمارستان العتيق الذي شيده أحمد بن طولون بمدينة العسكر سنة ( ٢٥٩ه /٨٧٢م ) في منطقة الكيمان أو الصحراء التي فيما بين جامع ابن طولون وكوم الجارح ، وفيما بين قنطرة السد التي علي الخليج ظاهر مدينة مصر ، وبين السور الذي كان يفصل بين القراقه ومصر ، وأنفق علي بنائه ستين ألف دينار ، أخذ الجزء الأكبر منه من الكنز الذي عثر عليه علي تنور فرعون ، وأوقف عليه عدة أماكن لضمان استمراره وشرط أن لا يعالج فيه جندي مملوك ، كما شرط أنه إذا جيئ بالعليل تنزع ثيابه ويودع ما معه من مال عند أمين البيمارستان وتقدم له ثياب خاصة ، ويخصص له له مكان تتوفر له فيه الراحه ويباشر الاطباء بالعلاج ويصرف له الدواء مجانا حتى يتم شفائه ، وكان علامة الشفاء ان يقدم له فروج ورغيف فإذا استطاع أكلهما عد علاجه منتهيا وأذن له مغادرة البيمارستان وفي حالة وفاة المريض فإنه يجهز ويكفن علي نفقة البيمارستان ، وايضا البيمارستان علي قسمان قسم خاص بالنساء وقسم خاص بالرجال ، ومجهز بكافة الادوات التى قد يحتاجها الطبيب ، وكان أحمد بن طولون حريص علي تفقد البيمارستان وزيارته يوم الجمعة حيث يطوف علي خزانة الادوية ويتفقد أعمال الأطباء ويشرف علي سائر المرضي ...
( حصن الجزيرة )
ومن آثار الدولة الطولونية الحصن الذي شيده أحمد بن طولون في جزيرة الروضة عام (٢٦٣ه/٨٦٧م) ليكون معقلا لحرمه وذخائره وماله ، بعد أن وقع الخلاف بينه وبين الخليفة المعتمد العباسي لاخراج أحمد بن طولون من مصر ، لذلك لم يجد امامه سوي المحاربة ليدافع عن نفسه ، وتأمل مدينة الفسطاط فوجدها لا تؤخذ إلا من جهة النيل ، فأمر ببناء حصن علي الجزيرة ، في نفس مكان الحصن القديم الذي قيل أنه كان قائما وقت فتح عمرو بن العاص لمصر ، وأخذ ابن طولون يجد في البناء وألزم قواده أن يقوم كل منهم بالاشراف علي جزء ، ولم يصلنا من المصارد التاريخية أي وصف يصف الجزيرة واكتفت بالقول أنه ظل عامرا بالجزيرة أيام بني طولون حتى أخذه النيل شيئا بعد شيئ وأقام السلطان الصالح نجم الدين أيوب في موضعه قلعة الروضة في طرف الجزيرة الجنوبي بجوار المقياس التي اندثرت بدورها ..
( الجامع الطولوني )
يعتبر جامع أحمد بن طولون ثالث المساجد الجامعه التي شيدت بمصر الإسلامية بعد جامع عمرو بن العاص ، الذي شيده هذا القائد العربي بمدينة الفسطاط غداة فتحه لمصر (٢١ه/٦٤٢م) والذي توالت عليه أعمال الترميم والإصلاح بحيث لم يصلنا من الجامع الأصلي سوي بقعة الأرض الذي شيد عليها ، وجامع العسكر الذي شيده في العصر العباسي سنه (١٦٩ه /٧٨٥م) الفضل بن صالح بن علي في مدينة العسكر ثانية عواصم مصر الإسلامية والذي ظل باقيا حتى (٥١٧ه/١١٢٣م ) ثم صار بعدها أثر بعد عين وذلك علي عكس جامع ابن طولون الذي لا يزال يحتفظ بأغلب عناصره المعماريه منذ أن شيده أحمد بن طولون ..
( كنيسة العذراء بدير السريان )
ووصلنا ايضا من العصر الطولونى أثر معماري أخير يوجد في بقعة من الصحراء في الشمال الغربي من مدينة القاهرة في وادي النطرون ، حيث شيدت أديرة لرهبان المسيحين كدير البراموس ، ودير الأنبا بيشوي ودير أبي مقار ، ودير السريان ، إذ يوجد في دير السريان كنيسة صغيره عبارة عن قاعة تعرف بكنيسة العذراء ، زينت الأجزاء العليا من جدرانها بأشرطه وحشوات مسطحه وغائرة ،تبدو أوثق صلة بهذا الطراز من زخارف الجامع الطولوني نفسه لذا يرجع نسبتها إلي حوالي سنة (٣٠٢ ه / ٩٠٤م ) .
______________
إسم الكتاب :_ " تاريخ وآثار مصر الاسلامية " .
إسم المؤلف :_ د/ أحمد عبدالرازق أحمد .
عدد الصفحات :_ ١٠٩'١١٠'١١٢'١١٣'١١٤'١١٧'١٣٧ص .