جريدة أثريون Atharyon

أحمد القاضي شاب مصري مهتم بالتاريخ والاثار مدرب علي شرح التاريخ و المواقع الأثرية حاصل علي عديد من كورسات الارشاد السياحي ودورات اخري

آخر الأخبار

جاري التحميل ...

سيدة الأراضين

"سيدة الأراضين "
 بقلم : مريم إسماعيل. 
كاتبة و باحثة في التاريخ. 

°هل يوجد في العالم شعور يضاهي الشعور بالحب؟ ... قد تغنى العالم الحديث ببراعة المصري القديم في العلم و اتقانه في العمل وذيع سيطه العملي وتغافلوا عن حياته العاطفية حتي خُيل للبعض عجزه عن الحب. 
°" نفرت إري مر إن موت " أي أحلاهن  محبوبة الإله " موت" واحدة من أكثر الملكات المصرية شهرة علي مر التاريخ و الزوجة الرئيسية للعظيم "رمسيس الثاني" لم تكن اول من حمل اسم "نفرتاري" فقد سبقتها  "أحمس نفرتاري" عميدة الأسرة الثامنة عشر وغالباً سُميت "نفرتاري" بهذا الاسم تيمناً بها و" نفرتاري" تعني "أحسنهن" أو "أفضلهن" وأيضاً "المصاحبة الجميلة" ويترجم الاسم بمعاني مختلفة مثل " المحبوبة التي لا مثيل لها " أو " جميلة جميلات الدنيا " أو" انها تشبه النجمة، تلك التي تظهر عند مطلع عام جديد " وقد صُورت في النقوش طويلة ورشيقة مستديرة الوجه ممتلئة الخدين لا يقال عنها سوى إنها آية في الجمال ونالت المكانة المفضلة من بين زوجات الملك وقد قُدست مثل زوجها وقد كانت مشاركتها معه في الطقوس و الأعياد الرسمية وضع لم يشهده التاريخ من قبل إلا مع" أخناتون و زوجته نفرتيتي ". 
°تزوجت "نفرتاري" "برمسيس العظيم" قبل اعتلائه العرش فقد ورد ذكرها علي احدى لوحات جبل السلسلة التي تعود للسنة الأولي من حكمه ونظراً لمكانة "نفرتاري" الكبيرة في طيبة يعتقد أن زواج "رمسيس الثاني"بها كان لتعضيد مركزه في جنوب الوادي، وفي طيبة خاصة ولم يرد اسمها في الكثير من الوثائق التاريخية ولكن يسهل معرفة الكثير من أخبارها عن طريق أثار ذلك العصر ولعل من أهمها المعبد الصغير "بأبو سمبل" المنحوت خصيصاً لها في الجبل والذي نقش فيه أول عبارات الغزل الموثوقة في التاريخ  وقد قام" رمسيس الثاني" ببناء المعبد في "أبو سمبل" حتى تتمكن زوجته من أن تتعبد لآلهتها المحبوبة" حتحور" إله الرقص والسعادة عند القدماء المصريين، لأن معبد "حتحور" الرئيسي يقع في مدينة دندرة التي تبتعد 100 كم شمال الأقصر لذلك كان يصعب على الملكة "نفرتاري" عند المجيء لمنطقة"أبو سمبل"والنوبة أن تعود سريعاً إلى "دندرة" لأداء الطقوس الخاصة بمحبوبتها "حتحور" لذا قرر "رمسيس الثاني" بناء المعبد حتى لا تبتعد "نفرتاري" كثيراً عن محبوبتها.
°ويقف أمام هذا المعبد ستة تماثيل هائلة يصل ارتفاعها إلى حوالي عشرة أمتار منها أربعة تماثيل للملك "رمسيس الثاني" واقفاً وتمثالان "لنفرتاري" ويحيط بهما تماثيل صغيرة الحجم لأبنائهما، وجعل "رمسيس الثاني" تماثيل "نفرتاري" بنفس حجم التماثيل الخاصة به تقديراً وعرفاناً بحبه الشديد لها ويظهر هذا الحب الفياض جلياً من خلال الكلمات الرقيقة التي نُقشت على جدران المعبد والتي يصف فيها "رمسيس الثاني"زوجته الحبيبة بأنها "ربة الفتنة والجمال" و"جميلة المحيا "و" سيدة الدلتا والصعيد" ويتميز المعبد باللمسة الأنثوية الحانية التي تعبر عن رقة صاحبته.
°لم يعطي القدر "نفرتاري" الفرصة لكي تستمتع بأداء طقوس عبادتها داخل معبدها لأنه بمجرد انتهاء العمل وقدوم نفرتاري من الأقصر إلى "أبو سمبل" لافتتاح المعبد مرضت بشدة ولم تستطع أن تؤدي مراسم افتتاح المعبد، وأنابت بنتها "ميريت آمون" لعمل الطقوس اللازمة، وقيل أن "نفرتاري" ماتت في رحلة العودة إلى الأقصر لتنتهي برحيلها أجمل قصة حب عرفها التاريخ المصري.
°لم يظهر حب "رمسيس العظيم" لزوجتة "نفرتاري" فقط وقت حياتها فقد شُيد لها أجمل مقابر البر الغربي مقبرة الملكة "نفرتاري" التي تعد آية من آيات فن الرسم في العالم القديم وهي أجمل مقبرة تم الكشف عنها لملكة مصرية حتي وقتنا هذا.
الحب هو أسمى شعور عرفه الإنسان على مر العصور هو روح الوجود ، وإكسير القلوب ، وصمام الأمان لبني الإنسان فإذا كان قانون الجاذبية يمسك الأرض والكواكب والأفلاك أن تصطدم فتتساقط أو تحترق وتزول ، فالحب هو الذي يمسك العلاقات الإنسانية أن تتصادم فتحترق ، هذا هو الحب الذي عرف الناس قيمته في القديم والحديث الحب الذي يدفع الإنسان لفعل المستحيل فدائما ما ينظر العالم إلي "رمسيس العظيم"  على أنه الفرعون الأكثر شهرة والأقوى طوال عهد الإمبراطورية المصرية فقد سماه خلفاؤه والحكام اللاحقين له بالجد الأعظم، فرعون المجد والانتصار، فرعون الحرب والسلام، "رمسيس الثاني" نجم الأرض وأشهر ملوك الفراعنة الذي ملأ الدنيا وشغل الناس جميعًا، اعتلى" رمسيس الثاني" عرش مصر كي يسطر أسطرًا من نور ومجد وعزة وفخاراً في تاريخ مصر والعالم القديم، وكأن القدر كان على موعد لميلاد ملك أسطوري عند توليه العرش، ورغم هذا لم تمنعه مكانته و عظمته من أن يتبع قلبه ولم يخشى ان يظهر حبه لزوجته و دَون على جدران معبدها اول عبارات الغزل الموثوقة في التاريخ لتبقى شاهدة إلى الأبد على هذا الحب الخالد الفريد بين الزوجين. 
" هي التي من أجلها تشرق الشمس". 
المراجع : مقبرة الملكة نفرتاري إنقاذ أجمل مقابر الملكات ص 2، 3

عن الكاتب

Ahmed Elkady

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

جريدة أثريون Atharyon